مجتمعهام

خروج الأطفال وسط الظلام الدامس يؤجّح استياء المغاربة من “التوقيت الصيفي”

عاد الجدل ليشتعل مجددا حول التوقيت الصيفي الذي يعتمده المغرب طيلة أيام السنة، صيفا وشتاءا، منذ نهاية أكتوبر 2018، حيث أعلنت الحكومة بشكل مفاجئ البقاء على التوقيت الصيفي وإلغاء التوقيت الشتوي.

هذا الجدل أشعله خروج الأطفال الصغار من البيت في الصباح الباكر، (ليلا)، للذهاب إلى مدارسهم، وما ينطوي على ذلك من مخاطر سواء على المستوى الأمني أو على المستوى الصحي والعقلي والنفسي.

معاناة آباء وأمهات هؤلاء التلاميذ الصغار، لا تنتهي، إذ يستيقضون وقت السحر، لتهيئة أطفالهم بغية الذهاب الى مدارسهم من أجل التحصيل العلمي.

يتسائل أحد هؤلاء الآباء: « أيّ تحصيل علمي نرجوه الآن لأطفالنا، وهم يغالبون النوم ويرفضون الذهاب الى المدرسة ليلا، فهل سننتظر منهم العطاء والجد والمثابرة، وهم لا ينعمون حتى بالراحة مثل باقي أقرانهم بباقي دول العالم؟ ».

فيما يتسائل آخر: « كيف لأطفال صغار أن يخرجوا الى المدارس قبل آذان الفجر، وسط الظلام القاتم، خصوصا في البوادي والقرى البعيدة والجبال والروابي؟ ».

أما سيدة أخرى، فتسائلت: « كيف تسمح الحكومة لأطفالنا بأن يكونوا عرضة ولقمة سائغة في أيدي اللصوص والمجرمين الذين يجدون الفرصة سانحة لاختطافهم أو قتلهم أو حتى التنكيل بهم، تحت ستر الليل وظلمته؟ ».

أما مواقع التواصل الاجتماعي، فقد ضجت بالعرائض و »الهاهشاغات » التي تدعو الحكومة الى التراجع عن إقرار الساعة الصيفية خلال أيام الشتاء، والعودة الى الساعة القانونية للمملكة، فهو يرون أن هذا القرار وإن كان يصب في مصلحة القلة القليلة، فهو يضر بنسبة كبيرة من المغاربة التي تجد نفسها حرمت من ساعة من النوم والراحة، ناهيك عن الأطفال خصوصا الصغار، الذين لم تساهم هذه الساعة الإضافية إلى في مضاعفة معاناتهم خصوصا عندما يطلب منهم الإستيقاظ قبل آذان الفجر.

« إن كانوا في الأيام العادية، لا يستيقضون إلا بشق الانفس، فكيف العمل الآن؟ » تتسائل سيدة.

وفي مقال تحليلي، قال الطبيب النفسي جواد المبروكي، الخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي، أكد بأن التوقيت الصيف الذي فرض خلال فصل الشتاء ليس طبيعيا، « لأننا نواجه عدم التوافق بين التوقيت الاجتماعي (بداية أنشطتنا) والتوقيت البيولوجي (شروق وغروب الشمس)، وهذا يُعطل الساعة البيولوجية الداخلية في الدماغ ودورتها اليومية ».

وأكد الخبير النفسي، على أن دور النوم ليس فقط للراحة بل إنه ضروري للتشغيل السليم للجهاز المناعي والهرموني والقلب والأوعية الدموية والمزاج.

وحذر الدكتور المبروكي، في مقاله التحليلي، من تأخير إدراك الضوء في التوقيت الصيفي، قائلا: « يؤكد البروفيسور كْلود جونفغيي الباحث في علم الكرونوبْيولوجي في المعهد الفرنسي الوطني للبحوث الصحية، بحسب جواد مبروكي، “أن إدراك الضوء في التوقيت الصيفي يكون متأخرا، ما يُؤخر الساعة البيولوجية ويؤدي إلى وقت متأخر من النوم، مع زيادة خطر الحرمان من النوم”.

وربط الدكتور المبروكي، التوقيت الصيفي بمخاطر التعب والإرهاق وعدم التركيز الذي من الممكن أن تؤدي الى الإنتحار، « هذا هو السبب في أننا نلاحظ زيادة في شكاوى التعب والإرهاق والنوم أثناء النهار وعدم التركيز أثناء القيادة (كثرة الحوادث وخصوصا عند الراجلين)، وفي العمل مع انخفاض المزاج والمعنويات وفي لهجة الطب النفسي هذا ما يسمى بالاكتئاب الموسمي الذي يمكن أن يتطور إلى الانتحار”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى