مقال رأي

عشرين فبراير تسع سنوات من الحلم الجميل

سنبقى حالمين بوطن يعيش فينا رغم كل ما فات و سيأتي

في مثل هذا اليوم من سنة 2011 ، عشنا مغامرة عشرين فبراير ،بالكثير من الأمل و الفرح المشحون بغضب ،و ثورة على كل اشكال الاستبداد و القمع ، كنا نستعد للخروج ذات احد صباحا و ذاكرتنا مملوءة بمشاهد ميدان التحرير و شارع الحبيب بورقيبة و حتى ساحات ليبيا و شوارعها .
نفس الجيل كان و مازال يعيش نفس التناقض و نفس التجلي ، بمضامين مختلفة أعادت حتى معاني فعالية الزمن السياسي .
اليوم و بعد تسع سنوات هي ظرف ، وجيز في زمن النضال ،و بمنطق بناء وطن يليق بنا نحن جيل الازمة الحالم بالحرية و العدالة الاجتماعية و الحب نتلقى إجابات “سوداء”عن كل تلك المطالب المشروعة التي حملناها في كل شوارع المغرب حتى الخلفية منها ، والتي بقيت مرفوعة الى اليوم رغم اختلاف الاطارت و الفئات المناضلة .
تلك الدينامية وتلك الروح التي لم تتوقف ، بقيت محافظة على نفسها متخدة يافطات أخرى بنفس الشعارات و المطالب رغم تسمية بعضها بمناطق اندلاع شرارة الانتفاض كالريف ، جرادةو زاكورة ……
كان دائما الجواب واحدا سواءا مغلفا بغلاف وردي اللون رطب الملمس او سوداوي قاسي الململس و الذي لا يعني سوى ، الاستمرار في التفقير ،ضرب حقوق المواطنين وحرياتهم والقضاء على الفعل السياسي بالانتصار للغة الأمن والمال و جملة مبغيناش نوليو بحال سوريا هاته السوريا التي اصبحت فزاعة النضال هي اليوم تنتصر على الدواعش و اعداء الحياة.
اليوم الادمغة التي تسير الوطن تدبر شؤونه بمنطق مراكمة الارباح المادية و الثروة و ان اقتضى الامر بالحديد و النار ، لنجد انفسنا اننا كنا نرفع صورا لاخطبوط المال و الاعمال الذي ظنناه يمتص ارزاقنا دون رحمة ،لكن اكتشفنا في لحظة معينة ان بدل الاخطبوط عندنا الكثيرين و ان دار المخزن مليئة بالفئران .
انا لا اظن ان هناك عقل سياسي عاقل ، يعقلن كل الذي وقع منذ لحظة عشرين فبراير الاولى في علاقته مع كل الحاملين لشعارات العشرين و الحالمين بتحقيقها ، و يخلق آليات حوار تبني مع المواطنين أسس الديمقراطية والحقوق و الاستجابة لمطالبهم واحتياجاتهم.
ان قتل العقل السياسي و ابعاد منطق الحوار و التفاوض و بدله ، إعطاء كل الصلاحيات للأمنيين وأصحاب المال يجعل أولويات أجندة الدولة تستجيب لطمع فئة قليلة على حساب الحقوق الأساسية للأغلبية .
اظن انه بعد كل هاته المدة التي مرت و مازال جيل العشرين متشبثا بمحاربة الفساد و الاستبداد و ارساء اسس العدالة الاجتماعية و المساواة الفعلية و بالرغم من كل الانتكاسات المتمثلة في المتابعات و الاعتقالات اصبح لزاما من اجل الوطن استرجاع آليات الحوار ، وبناء وسائل تواصل مؤسساتية وغيرها مع الحركات الاحتجاجية لنخفض الكلفة السياسية و المادية من اجل بناء الوطن الذي يجمعنا بعدل و مساواة ، اصبح من الضروري ايضا ازاحت كل تلك الوجوه السياسية التي تصلبت كديناصورات عصية على الرحيل و ان كلف الامر المزيد من التواطىء لكبح نضالات الشرفاء من ابنائنا .
لازلنا في كل محطة نضالية و مسيرة وطنية و محنة نرفع اعلاما سوداء نعبر فيها على سخطنا على واقع هدنا و ووقف امام طموحاتنا ،لكن لم نطبع ابدا مع السواد بل كنا نخرج فرحين متأبطين امالنا و انتظاراتنا ،تقاسمنا وعود الحب و علاقات انسانية لن يجود الزمن بها علينا مرة اخرى.
كنا نرفع كل الشعارات ببرائة و صدق اظنه ،جنى علينا في مرات كثيرة ، فقد كنا نرفع صور اشخاص ظنناهم هم اصل المشكل و اخرين صدقنا شعارتهم و تمسكهم باسم الله في كل كلامهم ،لكن اثبت التاريخ ان كاع اولاد عبد الواحد واحد و تعيا متعزل فاولاد الكلبة غادي تعزل جرو و بالتالي كنا للحظة وسيلة تصفية حساب بحساب اخر الاكيد.
اننا لم نكن كاذبين مثلهم لكن كنا سذاجا في مرات كثيرة و الاكيد ايضا اننا قمنا بالتمرين على التمسك بحقوقنا و بحبنا للوطن و ايضا برغبتنا في وطن يليق بنا،بتمسكنا بامل التغيير الصادق .
لا أعلم إن كان واقع الاعتقالات و الحكرة والظلم الذي نعيشه يوحي بالقليل من الإيجابية ، لكن استمرار مقاومة الشعب المغربي ومراكمة دينامياته الاحتجاجية بتعبيراته المختلفة يؤكد أن المستقبل لن يكون إلا للمظلومين.
لذا على كل صناع القرار أن يفهموا أن رهانات المغرب في المنطقة لن تستقيم إلا بتقوية جبهة الداخل .فلا توجد دولة قوية بشعب ضعيف .إن الدول التي حققت التقدم تاريخيا كانت تستثمر في مواطنيها وتحفظ كرامتهم كي يحفظوا كرامة وطنهم .
من هنا اقول كل عشرين فبراير و نحن شرفاء قابضين على حقنا في التغيير و الحياة الكريمة ،و الامل الاكبر لأولئك المتواجدين وراء السجون كي لا نعيش أبدا تناقض رقم العشرين ، الذي نريده ان يبقى محفورا بذاكرتنا بالأمل والفخر في ذاكرة هذا الوطن .
كل عيد شعب و نحن الامل و كل عشرين و نحن نتذكر انتفاظتنا بفخر و حب و فرح ان الوطن ان كان كريما فهو كريم بنا و ان كان شقيا فنحن جنود مجندون لبناءه كما يحلو لنا ان يكون .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى