
ارتفعت رواتب المدربين في البطولة المغربية لكرة القدم، في السنوات الأخيرة ما جعلها قبلة للعديد من المدربين، الذين يتخذونها قنطرة عبور للإشراف بعدها على أندية عربية، ورغم تحسن الوضيعة المالية للمدربين المغاربة، إلا أن الأجانب يظلون أفضل منهم بكثير.
بالموازاة مع نظام العقود الذي ساهم في إحداث طفرة كبيرة، على مستوى شروط الممارسة للاعبين في البطولة المغربية ، والتي ارتفعت بشكل كبير وضاعفت ما كان يتقاضاه اللاعبون حتى أمس قريب، تحسنت أيضا شروط ومواصفات اشتغال المدربين وتجاوزت سقف التوقعات.
تواصل البطولة المغربية لفت الأنظار إليها، وهي يقص شريط ثامن نسخة من الاحتراف، بكل زخم الإيرادات المالية المتحصل عليها وبكل الأوراش المفتوحة والتي تغري بالفعل بالمتابعة، على مستويات عدة من بينها الدعم المالي الكبير الذي أصبحت تتلقاه الأندية والمقاربة الناجعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في نقل الوصاية للعصبة الاحترافية وتخويلها استقلالية التدبير وهو ما سيجعلها ترتقي بالفعل لخانة الاحتراف شعارا وممارسة.
ومقابل جودة العقود التي أصبحت ترافق التعاقدات وصفقات اللاعبين، المدربون بدورهم استفادوا من رهانات وتحديات المرحلة وواكبوا المستجدات، وارتقوا للعالي وبشكل كبير على مستوى فرض شروطهم التعاقدية وأصبحت البطولة المغربية، بالمزايا التي توضع على الطاولة وجهة مفضلة لعدد كبير منهم، بل أغرت عددا هائلا بالعودة من أوروبا، لقبول مهمة قيادة فرق كانت إلى أمس قريب تصنف ضمن خانة المتوسطة محليا.
الإعفاءات الضريبية والتحويلات السلسة بالعملة الصعبة وليونة رؤساء الأندية وهو يضعون أيدهيهم بيد المدرب الأجنبي كلها عوامل ساهمت في طفرة الحضور كما وكيفا.
مضاهاة لأندية خليجية
ونحن نواكب ونبحث في كثير من الثنايا وعلى الرغم من العقدة التي ما تزال مسيطرة على فكر المسؤولين في المغرب، وهم ينحون صوب التعتيم والتكتم على كل ما له صلة بالتفاصيل المالية للعقود سواء تلك التي تهم لاعبا أو مدربا، وصلنا لحقيقة مضاهاة البطولة المغربية والإغراءات التي تقدمها لما هو موجود بالرقعة الحالمة التي تمثل الغاية الكبيرة المرجوة للجميع (لاعبين ومدربين) وهي وجهة الخليج العربي، الذي يتفوق من حيث الإمكانيات المادية التي تتوفر داخله.
وإذا ما نحن استحضرنا امتياز المناخ والطبيعة والدفء والحضور الجماهيري الكبير والشغف باللعبة، وهي عوامل وخصال موجودة بالبطولة المغربية، سنخلص لحقيقة ثانية وهي أنه مهما قدم المدربون الأجانب من تنازلات وهم يتركون أندية متوسطة في الخليج العربي، فإن العوامل المتوفرة بالمغرب، واقتراب مزايا العقود تقود لخلاصة مفادها أن هامش الربح الذي يغنمه الأجانب بالمغرب يتساوى مع ذلك الذي تعرضه فرق الصف الثاني خليجيا.
مانولوفيتش يدخل التاريخ
استطاع الصربي زروان مانولوفيتش، وهو يجر خلفه إرثه الثقيل في التدريب ، من ضمان عقد فريد بالبطولة المغربية رفقة ناد كبير وعريق هو الوداد البيضاوي.
مانولوفيتش الذي استطاع لفت الأنظار إليه في البطولة المغربية بنتائجه الإيجابية مع الوداد متصدر البطولة، ارتقى عاليا براتب هو الأعلى تجاوز سقف 40 مليون سنتيم.
في تاريخ اشتغال الأجانب بالمغرب وحتى بمرور مدربين لهم باع طويل وفي مقدمتهم الراحل الفرنسي هنري ميشيل لم يشهد بلوغ مدرب هذه العتبة وهذا السقف، وهو ما يجعل مانولوفيتش يغرد وحيدا خارج السرب، بل ويتجاوز مدرب الغريم التقليدي الرجاء، جمال السلامي،ب 20 مليون سنتيم بالتمام والكمال.
استكمالا لرصد المتابعة الخاصة بكلفة المدربين بالبطولة المغربية، وما يتوصلون به نهاية كل شهر، نصل لحقيقة الفوارق المرسومة والتي تضع المدرب الأجنبي دائما في الطليعة وخاصة ذلك القادم من أوروبا.
مطرب الحي انتعش
ولا يمكن إنكار ما تحقق للمدربين المغاربة، حتى وهم يعاملون معاملة أقل تقديرا مما يحظى به الأجنبي من امتيازات، فقد انتعش المدربون عما طبع اشتغالهم سابقا، وتحسنت شروط العقود بل وأصبحت تضمن الحصول على حقوقهم من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، في شخص غرفة النزاعات متى داس طرف على هذه الحقوق.
مطرب الحي صار يطرب في زمن الاحتراف، يشتغل في ظروف أفضل نسبيا ولم يعد هاجس الحد الأدنى للأجور يرافق رحلة العمل كما كان الشأن سابقا.
وتحضر أسماء مغربية تحسنت وضعيتها كثيرا، كمحمد فاخر مدرب حسنية أكادير مستفيدا من رصيد خبرته كمدرب سابق للمنتخب المغربي الأول، وجمال السلامي بما تأتى له من إنجازات وكذا طارق السكتيوي المشرف على نهضة بركان وزاكي بادو رفقة الدفاع الحسني الجديدي وغيرهم، حيث يشتغلون في ظروف توصف بالمثالية ولو أنهم أقل تقديرا من الأجنبي.
ولأن كل فريق يشتغل ويصرف بما هو متوفر له من إيرادات فإنه طبيعي جدا أن يتذيل القائمة مدرب نهضة الزمامرة يوسف فرتوت، براتب لا يتجاوز 6 ملايين سنتيم، في وقت لم يتضاعف راتب وليد الركراكي مع الفتح لأن الفريق يشتغل بمقاربة وهيكلة خاصة لا تخضع لمنطق المضاربات بقدر خضوعها لسلم خاص يحترمه النادي، حيث يتحصل الركراكي على راتب 10 ملايين سنتيم منذ بداية مشواره مع الفريق الرباطي، بالمقابل يتوصل الإسباني بياديرو على راتب تبلغ قيمته المالية 12 مليون سنتيم مع المغرب التطواني، وهو نفس التراتب الذي يتقاضاه زاكي بادو في الجديدة رفقة فرسان دكالة.