
يشكل التتويج العالمي للمنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 20 سنة أكثر من مجرد إنجاز رياضي؛ إنه رسالة رمزية عميقة أعادت للمغاربة ثقتهم في طاقاتهم الشابة، وأثبتت أن الاستثمار في الإنسان هو السبيل الأضمن لصناعة المستقبل.
هذه الروح ذاتها هي التي تجسّدها الرؤية الملكية من خلال مخرجات المجلس الوزاري ليوم 19 أكتوبر 2025، التي دعت إلى إعادة الثقة في السياسة عبر الشباب أنفسهم، باعتبارهم الجسر الحيوي بين الدولة والمجتمع، والفاعل القادر على تجديد النخب وصياغة مغرب جديد أكثر دينامية وعدلاً وتشاركية.
فكما قدّمت أكاديميات التكوين الكروي جيلاً جديداً من الأبطال الذين أبهجوا العالم بأدائهم وإبداعهم، ورفعوا راية الوطن في كأس العالم للمرة الأولى، فإن الحياة السياسية قادرة بدورها على إنتاج جيل جديد من القادة، بنفس الروح والانضباط والإصرار، قادرين على المنافسة في ميادين التنمية والديمقراطية والاقتصاد والثقافة والإعلام.
إن نجاح المنتخب الوطني للشباب لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة تخطيط طويل الأمد، اعتمد على تكوين قاعدي متين داخل مراكز التكوين، وعلى تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن من مختلف الجهات داخل المغرب وخارجه.
وبالمثل، تدعو الرؤية الملكية إلى تخطيط سياسي واجتماعي جديد يقوم على تكوين الأجيال، وتأهيل الكفاءات، وإتاحة الفرصة للشباب ليكونوا فاعلين في المستقبل لا متفرجين عليه.
إن تتويج المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة بطلاً للعالم يشكل لحظة وطنية جامعة تتجاوز فرحة الانتصار الرياضي إلى إعادة الاعتبار للمشاركة الشبابية في كل الميادين، وعلى رأسها الميدان السياسي، باعتبارها طاقة مجتمعية خلاقة قادرة على تجديد النخب، وتوسيع قاعدة الثقة في المؤسسات، وتحويل روح التحدي الرياضي إلى قوة مواطنة تشاركية في خدمة الوطن.
فكما وحّدت كرة القدم المغاربة في لحظة فخر، يمكن للمشاركة السياسية الواعية أن توحّدهم في مشروع وطني مستقبلي يعطي للشباب المغربي الفرصة الكاملة لصناعة المجد في السياسة كما نحج في صناعتها بالملاعب .
مصطفى يخلف
محامي بهيئة اكادير
عضو جمعية عدالة