كيف يؤثر الصيف على الصحة النفسية والتربية الأسرية؟حوار مع ذ كمال أوتنريت، استشاري نفسي تربوي وأسرى

يعد ذ. كمال أوتنريت من الخبراء المتمكنين في مجال الاستشارات النفسية التربوية والأسرية، حيث يمارس هذا المجال منذ أكثر من 26 سنة، ويملك مركزا خاصا يقدم فيه خدمات متنوعة تشمل العلاج النفسي، التدريب على التنمية الذاتية، والإرشاد الأسري، كما يحمل عدة شهادات دولية في مجالات مثل البرمجة العصبية اللغوية (NLP)، العلاج الإدراكي السلوكي، وتقنيات الاسترخاء كـEFT واليوغا.
في هذا الحوار يوضح ذ. كمال تأثيرات فصل الصيف على الصحة النفسية للأفراد، وخاصة في الوسط الأسري، ويقدم نصائح عملية للتحكم في التوتر والضغط النفسي الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة وكيفية استثمار هذا الفصل لتعزيز الترابط الأسري.
✓ بداية، ومن منظور علم النفس التربوي، كيف يمكن تفسير زيادة حدة التوتر أو سرعة الانفعال في أيام الصيف الحارة ؟
يفسر ذ. كمال هذه الظاهرة من منظور علم النفس التربوي والفيزيولوجي، حيث يقول إن حرارة الصيف تؤدي إلى إفرازات متزايدة لهرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، التي تزيد من مستوى التوتر في الجسم،
ويضيف أن الجسد يحاول التأقلم مع الظروف الجديدة، سواء كان الجو باردا أو حارا مما يسبب شعورا بعدم الراحة وزيادة في الانفعالات، وهذه استجابة طبيعية بيولوجية، كما تؤدي ازدحامات الأماكن أثناء المصايف وزيادة المسؤوليات الصيفية إلى ضغط إضافي على الأفراد.
✓ كيف تؤثر هذه التغيرات المزاجية على التربية الأسرية؟
يشير ذ. كمال إلى أن أسلوب التنشئة يتغير وفقا لعمر الطفل أو المراهق، حيث يحتاج المراهقون إلى مزيد من الحرية الاجتماعية مع ضرورة توجيههم بحذر، أما الأطفال الصغار فيتطلبون اهتماما خاصا لمنع التعرض لضربة الشمس أو الجفاف.
ويؤكد على أهمية مراقبة صحة الأطفال، توفير الماء والملابس المناسبة، وتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، كما يحث الأهل على تسهيل قضاء الأطفال أوقاتهم بطريقة آمنة وممتعة داخل البيت أو خارجه، مع التركيز على توجيههم بشكل إيجابي لتفادي التوتر الأسري.
✓ نعلم أن التنظيم الانفعالي مهارة يمكن اكتسابها، ما هي أبرز الممارسات أو التمارين النفسية التي توصي بها للسيطرة على الانفعالات في الأجواء الحارة؟
يركز ذ. كمال على أهمية المهارات العملية والتدريب المتكرر لاكتساب التنظيم الانفعالي، خاصة مهارات التنفس العميق، التي تساعد على تهدئة الأعصاب،
يشرح تقنية التنفس التي تركز على ملء البطن بالهواء ببطء ثم إخراجه تدريجيا، مع تكرار هذه العملية لعدة دقائق حتى يشعر الشخص بالاسترخاء،
كما ينصح بتطبيق تقنيات الاسترخاء التدريجي للعضلات، بدءا من الرأس وحتى القدمين، مع التركيز على ملاحظة العضلات المشدودة ثم إرخائها بوعي،
بالإضافة إلى ذلك، يشير إلى أهمية التوجيه الذهني بالتركيز على شيء هادئ أمام الشخص كوسيلة لتحويل التفكير من الضغوط والمشاكل الحالية إلى حالة ذهنية أكثر هدوءا.
✓ ما هي أهم الاستراتيجيات التي تنصح بها لتحويل حرارة الصيف من عامل ضغط إلى فرصة لتعزيز الترابط الأسري؟
يقدم ذ. كمال استراتيجيات عملية للاستفادة من الصيف لتعزيز الروابط بين أفراد الأسرة، ومنها:
تخصيص وقت للتجمع العائلي في أماكن باردة ومريحة بالمنزل، مع استخدام التكييف أو المراوح لضمان راحة الجميع.
مشاركة الجميع في تحضير مشروبات منعشة مثل الليمون بالنعناع، وإضفاء أجواء مريحة برائحة العطور والنباتات العطرية.
استغلال الأوقات المشتركة لسرد القصص العائلية القديمة، مما يعزز التواصل والحميمية.
الخروج في رحلات عائلية إلى الحدائق أو المخيمات الجبلية مع الحرص على اتخاذ تدابير السلامة مثل ارتداء القبعات الواقية وتوفير الماء الكافي.
تشجيع الألعاب الأسرية الخفيفة داخل المنزل أو في الهواء الطلق لتعزيز التفاعل بين أفراد الأسرة وتقوية العلاقات.
توصيات ختامية
يؤكد الدكتور كمال على ضرورة تنظيم وقت الفراغ خصوصا خلال عطلة الصيف، لأن الفراغ الزائد قد يؤدي إلى مشاكل سلوكية ونفسية لدى الأطفال والمراهقين، ويحث الآباء على الموازنة بين منح الأطفال الحرية اللازمة وإرشادهم نحو استخدام أوقاتهم بشكل مفيد وآمن.
يختم ذ. كمال حديثه بدعوة الأهالي إلى الاستفادة من فصل الصيف ليس فقط كوقت للراحة، بل كفرصة لبناء علاقات أسرية قوية ومستقرة، مع توفير بيئة صحية نفسيا وجسديا لجميع أفراد الأسرة.