
بعد أكثر من خمسة عقود من المناورات، آن الأوان لوضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها ،
الجزائر ليست طرفًا مراقبا أو مناصرا للشعوب المضطهدة ، بل هي منبع الأزمة والطرف صانع النزاع ومُعطِّل الحلول .
الحقيقة السياسية والواقعية والقانونية الثابتة اليوم في أروقة الأمم المتحدة، سواء بمجلس الأمن أو الجمعية العامة، و هي أن أساس النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية مصدره الجزائر ومفتاحه يوجد بالعاصمة الجزائر وليس بتندوف.
فأيّ حل سياسي سيظل ناقصًا وغير قابلٍ للتنفيذ ما لم يتم التعامل مع صاحب الداء الحقيقي (الجزائر ) ، كطرف رئيسي في النزاع، وتحميلها المسؤولية الكاملة عن إطالة أمده وعرقلة المسار الأممي والإنساني.
فمنذ اندلاع النزاع المفتعل في سبعينيات القرن الماضي، و الجزائر تحاول بكل الوسائل إخفاء دورها المباشر في خلق الأزمة، و تقديم ما يسمى بـ«جبهة البوليساريو» كواجهة سياسية مؤقتة لتبرير أطماعها الإقليمية ، واستغلالها كأداة وظيفية تخدم سياستها التوسعية، وواجهة للهروب من تبعات الفشل المحتمل لحلمها في إيجاد منفذ بحري نحو المحيط الأطلسي، ولو على حساب الحقوق التاريخية والقانونية للمغرب في أقاليمه الجنوبية.
فجبهة البوليساريو المسكينة ، لا تمتلك الحرية في إتخاد اي قرار قد لا ينفع الجزائر ، لأن كل توجيهاتها تطبخ في مكاتب وزارة الخارجية الجزائرية، وهو ما يجعلها مجرد ناطق رسمي باسم الجزائر، تُستعمل كلما اقتضت الضرورة لتبرير مواقف عدائية تجاه المغرب، أو للتشويش على مسار الحل السياسي .
كل التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن قادة البوليساريو يتحركون بحرية داخل التراب الجزائري، وأن مخيمات تندوف تقع تحت السيطرة الكاملة للسلطات الجزائرية ، وهو ما يؤكد ان الجزائر الطرف الفعلي في النزاع، والمُطالب بتحمّل المسؤولية القانونية والإنسانية عن الأوضاع التي يعيشها آلاف المحتجزين في تندوف، وعن استمرار نزاعٍ دام أكثر من خمسين سنة ، أي ما يزيد عن 18250 يوم من تاريخ المغرب في الدفاع عن وحدته الترابية.
فاستمرار الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التعامل مع الجزائر كطرف “مراقب” وليس كطرف معني بالنزاع، يُعدّ انحرافًا عن الواقع وتغذيةً غير مباشرة لاستمرار الأزمة ،لأن الهروب من الاعتراف بالمسؤولية لن يغير من الحقيقة وهي أن الجزائر هي من صنعت الأزمة، وهي من يملك مفتاح الحل.
لذا فإن أيّ حوار أو مفاوضات قادمة يجب أن تُوجّه إلى منتِج الأزمة (الجزائر)، لا إلى من سُخِّر للفتنة (البوليساريو)، التي فقدت استقلاليتها وأصبحت رهينة القرار الجزائري الذي هو بين ناري الهزيمة والفشل .
مصطفى يخلف
محامي بهيئة اكادير
عضو جمعية عدالة