مجتمعمقال رأي

“رمزية الجلباب الأصفر في افتتاح البرلمان: بين نور اللون وبصيرة الخطاب “

لم يكن اختيار الملك محمد السادس للجلباب الأصفر الملكي أثناء ترؤسه افتتاح الدورة البرلمانية في أكتوبر 2025 مجرد صدفة شكلية، بل رسالة بصرية وروحية عميقة، تعكس لحظة يقظة وتجديد في الخطاب الملكي، جمعت بين النور والاعتبار، والرمز والبصيرة، والهيبة والمسؤولية.
فالملك، حين خاطب البرلمانيين بحضور ولي العهد مولاي الحسن ، والأمير مولاي رشيد بلباس موحد اللون، ثم ختم خطابه بآية قرآنية تدعو إلى الاعتبار، أراد أن يوجّه للمغاربة رسالة مزدوجة تتمثل في
كون ، النهضة بالمواطنين تبدأ من النور الحقيقي، أي من وعي المسؤولية، وبصيرة الإصلاح.
فاللون الأصفر في القرآن الكريم يرتبط بالدلالة الروحية المضيئة، بدليل قوله تعالى:
﴿إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسرّ الناظرين﴾ [البقرة: 69] ، وهو ما يؤكد ان اللون الأصفر يشير إلى لون الفرح والنور والصفاء والأمان والامل ، وهذا المعنى يتناغم مع الآية القرآنية التي اختتم بها الملك خطابه:
﴿فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾ ، فكأن اللون يخاطب العين، بينما الآية تخاطب القلب والعقل، ليصبح الخطاب الملكي قد جمع ما بين الضوء والبصيرة، و بين الرمز الجمالي والرمز الأخلاقي.
فالملك محمد السادس ومن خلال هدا الاختيار الرمزي وجه للمجتمع عامة والشباب خاصة ، رسالة عميقة مصدرها وغايتها مخاطبة المواطن الواعي والمثقف، و مفادها أن من يحسن قراءة الواقع بعينٍ بصيرة هو من يستحق قيادة التغيير.
فالآية القرآنية جاءت في سياق الحديث عن سُنن التغيير الإلهي في الأمم، أي أن من لا يعتبر ويتّعظ، يفقد موقعه في التاريخ ، وهي دعوة ملكية إلى الاعتبار قبل القرار، والإصلاح قبل الملامة، أي أن الإصلاح يبدأ من أصحاب المسؤولية أنفسهم، قبل أن يُطلب من الشعب.
فاللون الأصفر في الثقافة المغربية له رمزية الشمس والصفاء والأنوار الروحية، وهو لون يُستعمل في المناسبات الرسمية والدينية، ويدل على الهيبة والبهاء ، فالذهب هو المعدن الوحيد الذي لا يصدأ ولا يبهت لونه، ولذلك صار في كل حضارة رمزاً للصفاء والنقاء والسيادة، وهو ما يجعله في اللباس الملكي تجسيدًا للسيادة والثبات والوقار المستمر في علاقة الملك بالشعب المغربي.
فالأصفر، في هذا السياق الدي جاء فيه الخطاب الملكي ، ليس مجرد لون جمالي، بل رمز للضوء الملكي الذي يسبق المساءلة البرلمانية، وللنور الذي يوجّه نحو يقظة الضمير الوطني.
فبين الآية واللون، تلتقي رسالة البصر والبصيرة، لتذكّر الجميع بأن من يرى بعين المسؤولية هو من يعتبر، ومن يعتبر هو من يُصلح ليخدم هدا الوطن .

الأستاذ مصطفى يخلف
محامٍ بهيئة أكادير
عضو جمعية عدالة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى