التشنج المهبلي وتأخر الإنجاب: فهم المشكلة وخيارات العلاج

يعد التشنج المهبلي من الاضطرابات الصامتة التي تعاني منها العديد من النساء، وهو مشكل لا يقتصر تأثيره على الجانب الجسدي فحسب، بل يمتد ليطال الحياة الزوجية والإنجابية برمتها.
في هذا السياق، أكد الدكتور يوسف ديالمي، أخصائي النساء والتوليد والخصوبة، أن فهم طبيعة هذا الاضطراب والتعامل معه بجدية يمثل الخطوة الأولى نحو تجاوزه.
أوضح الدكتور أن التشنج المهبلي هو انقباض لا إرادي لعضلات المهبل يمنع أي ولوج طبيعي أثناء العلاقة الزوجية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يختلف تماما عن رفض العلاقة، فقد ترغب المرأة في ممارسة حياتها الزوجية، لكن تشنج العضلة يحول دون ذلك بشكل خارج عن إرادتها، وأضاف أن لهذا الاضطراب نوعين رئيسيين:
✓ النوع الأول يرافق المرأة منذ بداية حياتها الزوجية ويحول دون إتمام العلاقة منذ المحاولة الأولى، وغالباً ما تكون أسبابه نفسية ترتبط بصدمة سابقة كالتعرض لاعتداء في الطفولة أو التنمر في مرحلة المراهقة، أو نتيجة تربية شديدة التحفظ تولد خوفا مزمنا من الرجل.
✓ أما النوع الثاني فيظهر بعد فترة من العلاقات الطبيعية، وغالبا ما يرتبط بأسباب عضوية مثل مضاعفات الولادة إذا لم تتم الخياطة بشكل سليم، أو بسبب مرض البطانة الرحمية المهاجرة الذي يسبب آلاما شديدة أثناء العلاقة.
وأشار الدكتور ديالمي إلى ضرورة التمييز بين التشنج المهبلي وعسر الجماع، موضحا أن عسر الجماع قد يرتبط بعدم الاستعداد النفسي للمراة أو رفضها اللحظي للعلاقة، بينما يحدث التشنج المهبلي حتى في وجود الرغبة، حيث تنقبض العضلة بشكل لا إرادي لتمنع العلاقة، وقد تجتمع الحالتان عند بعض النساء.
وتطرق الدكتور ديالمي إلى مسألة الإنجاب، موضحا أن صعوبة الحمل تطرح طبيا عندما يمضي عام كامل من العلاقة الزوجية المنتظمة دون حصول حمل، وفي هذه الحالات يتم اللجوء إلى الفحوصات الطبية لتحديد السبب، سواء عند الرجل أو المرأة، وأكد أن الأسباب قد تتوزع بين تشوهات أو ضعف في الحيوانات المنوية عند الرجل، وبين اضطراب التبويض أو انسداد قنوات فالوب عند المرأة، إضافة إلى بعض الأمراض المناعية التي قد تعيق التخصيب.
وفي ما يخص العلاج، شدد الدكتور ديالمي على أن التدخل يعتمد بالأساس على مدة المحاولات وظروف الزوجين، فحين تكون المدة قصيرة يكتفى غالبا بالدعم النفسي وبعض الوسائل الطبيعية، أما إذا طالت سنوات دون نتيجة فيصبح التدخل الطبي ضروريا من خلال التلقيح الاصطناعي أو اللجوء إلى أطفال الأنابيب، وهي حلول أثبتت فعاليتها ونجاحها في حالات كثيرة.
واختتم الدكتور ديالمي حديثه بتوجيه مجموعة من النصائح للنساء والأزواج على حد سواء، مؤكدا أن الصبر يعد عاملا أساسيا لتجاوز هذه المرحلة، وأن من الخطأ جعل الإنجاب هاجسا مفرطا يحول الحياة الزوجية إلى ضغط مستمر، كما دعا الأزواج إلى عدم الالتفات كثيرا إلى تعليقات المحيط والمجتمع، باعتبارها تزيد من معاناة المرأة وتضاعف شعورها بالذنب، مشددا على أن الدعم النفسي، والثقة المتبادلة، والمتابعة الطبية السليمة كفيلة بتجاوز هذه الصعوبات.
خديجة ايت اكرما (صحفية متدربة)