
يُطلّ الفنان حبيب سلام على جمهوره بعمل فني جديد يحمل عنوان “تاسليت أونزار”، وهو فيديو كليب موسيقي بصري، لا يروي فقط حكاية موسم الحرث والحصاد في البادية المغربية، بل يُعيد إحياء لحظات من الطفولة المنسية، من زمن البراءة والأرض والعادات.
هذا العمل يشكّل رحلة إلى الذاكرة الجماعية، حيث يلتقي الكبار بطفولتهم، من خلال مشاهد حية لألعاب الصغر، مشاكسات الأطفال، ضحكاتهم التي تملأ الحقول، وهم يركضون بين الزرع ويقلّدون الكبار في حرث الأرض وجمع السنابل. إنها صور صادقة من زمن لم يكن فيه شيء أكثر قيمة من يوم مشمس في الحقل، وكيس قمح، وقطعة خشب تتحوّل في يد طفل إلى لعبة خيالية.
وقد تم تصوير الكليب في فضاء طبيعي فريد من نوعه، بمنطقة “أقصري” التابعة لجماعة إموزار إداوتنان، في حضن جبال الأطلس، حيث لا تزال روح البساطة تنبض، وحيث تُروى الحكايات القديمة على لسان التراب والحجارة.
العمل من ألحان و أداء وتوزيع الفنان حبيب سلام، ومن كلمات الفنان المبدع حميد الصويري، وبمشاركة غنائية وتمثيلية لافتة لأطفال مدينة إمينتانوت، الذين سبق أن أبدعوا في العمل الفني “تالعاربات ن الطالب” مع الفنان حبيب سلام. يعود هؤلاء الأطفال اليوم مجددا، لا كممثلين فحسب، بل كحَمَلة لذاكرة جماعية، يوقظون فينا الطفل الذي يسكن داخل كل واحد منا بصوتهم الملائكي.
ومن أقوى اللحظات الرمزية في هذا العمل، يأتي الختام بأجواء عرس أمازيغي تقليدي، اختير بعناية كرمز للسعادة، للفرح الجماعي، وللاحتفاء بالحياة. لكنه في الآن ذاته دعوة للتأمل في عادات أمازيغية قديمة جميلة بدأت تتلاشى شيئًا فشيئًا، لنُعيد تسليط الضوء عليها، وننقذها من النسيان، ونحتفي بها بفخر وامتنان.

“تاسليت أونزار” هو أكثر من عمل فني، إنه جسر بين الأمس واليوم، بين الإنسان والأرض، بين الجيل القديم والجيل الجديد، رسم ملامحه أكثر من 50 مشاركاً بين ممثلين وفنيين ومؤثرين ومتطوعين، في روح جماعية نادرة من الحب والانتماء.
وسيتم تقديم العمل لأول مرة خلال ندوة صحفية خاصة بالعرض الأولي في قاعة إبراهيم الراضي، حيث سيُعرض الفيديو كليب ويُفتح المجال للنقاش مع الفنان وفريق العمل حول تفاصيله ورسالته الفنية والتراثية، بحضور المهتمين بالشأن الثقافي والإعلامي والفني.
“تاسليت أونزار” ليست مجرد أسطورة تربط المطر بالحب، بل هي فن يعيد ربطنا بأنفسنا، بطفولتنا، وبجمال التفاصيل التي لم نعد ننتبه إليها.