مجتمع

تراجع دعم التمدرس في الدخول المدرسي: كيف تسير الحكومة الاجتماعية عكس التيار؟

مع بدء العام الدراسي الجديد، حملت الحكومة المغربية قراراً مثيراً للجدل بتقليص كبير في برامج الدعم المالي المخصصة للأسر الفقيرة، مما أثار تساؤلات جدية حول التزام الحكومة بشعارها “الاجتماعي”. في هذا السياق، تبرز الأرقام والقرارات التي اتخذت، مما يستدعي وقفة تحليلية لتقييم أثر هذه التغييرات على نظام التعليم

خلال السنوات السابقة، كانت برامج الدعم المالي مثل “مليون محفظة” و”تيسير” تلعب دوراً حيوياً في دعم التمدرس وتخفيف العبء المالي على الأسر الفقيرة. حيث كان برنامج “مليون محفظة” يخصص له 2 مليار درهم، يستفيد منه 4.5 مليون تلميذ، بينما كان برنامج “تيسير” يحصل على تمويل مماثل لدعم تمدرس الطلاب في العالم القروي. لكن، في تحول مفاجئ، انخفض إجمالي الاعتمادات المالية المخصصة لدعم التمدرس إلى 600 مليون درهم فقط، وهو ما يمثل تراجعاً بنسبة 85% عن الميزانية السابقة.

تم إلغاء برنامجي “مليون محفظة” و”تيسير” بشكل نهائي، ليحل محلهما منحة دعم تموينية بمبالغ محدودة قدرها 200 درهم للطلاب في التعليم الابتدائي و300 درهم للطلاب في الثانوي، تُمنح مرة واحدة فقط سنوياً. هذا التغيير يبرز بشكل واضح النقص الكبير في الدعم، حيث كان الدعم السابق يشتمل على المحفظة والكتب والأدوات الدراسية، بينما الآن أصبح الدعم المالي لا يكفي لتغطية هذه الاحتياجات الأساسية.

القرار الجديد لن يقتصر على تقليص الدعم المالي فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى حرمان نحو مليون ونصف تلميذ من الدعم الذي كانوا يحصلون عليه سابقاً. وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يستفيد من برنامج “مليون محفظة” في العالم القروي والشبه الحضري، فإن الدعم الجديد يقتصر على أولئك الذين يتلقون الدعم الاجتماعي، مما يعني أن العديد من الأسر الفقيرة ستظل محرومة.

كما أن قرار إلغاء برنامج “مليون محفظة” يعني أيضاً حرمان المغاربة من رمزية افتتاح الدخول المدرسي، حيث كان جلالة الملك يفتتحه بتوزيع المحفظات على التلاميذ. هذا الأمر يضيف بعداً رمزياً يؤكد تراجع التزام الحكومة بالشعار الاجتماعي.

في ضوء هذه التغييرات، يبرز سؤال جوهري: كيف تبرر الحكومة الاجتماعية هذا التراجع الكبير في دعم التمدرس؟ وما هي الاستراتيجيات البديلة التي يمكن أن تعوض هذا النقص لضمان استمرار التعليم لأبناء الأسر الفقيرة؟ تحتاج هذه القرارات إلى مراجعة جدية وتفكير عميق حول آثارها طويلة الأمد على مستقبل التعليم في المغرب، خاصة في المناطق النائية والفقيرة.

بذلك، يتعين على القائمين على السياسات التعليمية في المغرب أن يلتزموا بتعزيز الدعم المالي وضمان استمرار البرامج التي تثبت فعاليتها في محاربة الهدر المدرسي وضمان حق كل طفل في التعليم.
ابو فهد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى