المسيرة الخضراء، مسيرة سلمية عمرها ثلاثة أيام طردت العدو الاسباني من الصحراء المغربية

رمال تيفي_مريم أبروش (متدربة)
“شعبي العزيز، غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غدا إن شاء الله ستطالون أرضا من أراضيكم، وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون أرضا من وطنكم العزيز”. بهاته الجمل أعلن الملك الراحل الحسن الثاني يوم 5 نونبر من سنة 1975، عن انطلاق المسيرة الخضراء.
“الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
صوت الحسن إنادي بلسانك يا صحرا
فرحي يا أرض بلادي أرضك صبحات حرة
مرادنا لازم يكمل بالمسيرة الخضرا ”
عن ظهر قلب يحفظ المغاربة كلمات أغنية “صوت الحسن إنادي”. أغنية وطنية خلدت ذكرى المسيرة الخضراء في ذاكرة كل المغاربة صغارا، و شيوخا، نساء و رجالا.
“و إذا عزمت فتوكل على الله” صدق الله العظيم. بهاته الآية افتتح الملك الراحل الحسن الثاني خطابه الشهير من مدينة أكادير، يوم 5 نونبر سنة 1975. حيث أعلن للمغاربة انطلاق مسيرة استرجاع الآراضي الصحراوية المغربية. بحماس و عزيمة كبيرين و حس وطني عال استجاب المغاربة لخطاب ملكهم، و اخترق أزيد من 350 ألف مغربي و مغربية حدود الصحراء. عشرات الآلاف من المغاربة يحملون علم المغرب، مشهرون بأيديهم المصحف الكريم و أكفانهم على أكتافهم ، والمئات من الحافلات يقلون جحافل البشر، وبكل ثقة يقتحمون رمال الصحراء، و بعلو أصواتهم ينشدون ” صوت الحسن إنادي بلسانك يا صحرا”. مشهد مهيب محفور في الوجدان، أظهرت فيه المسيرة الخضراء للعالم أجمع عبقرية الحسن الثاني، وصمود المغاربة وإيمانهم الراسخ في استرجاع حقهم المغتصب ووضع حد للوجود الاستعماري .
ظلت الصحراء المغربية مستعمرة إسبانية منذ 1884 الى 1975، وقد طالب المغرب دائما وفى كل المناسبات بأحقيته فى فرض السيادة عليها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المغرب على مر التاريخ. وبعد استقلاله كثف المغرب من جهوده وناضل بكل الوسائل والامكانيات لاستكمال وحدة أراضيه وتحريرها وضمها الى باقي ربوع المملكة.
و لم يسأم المغرب من الضغط في عدة محافل دولية على الأمم المتحدة لاسترجاع هذا الجزء من الوطن، وقد أحالة الحكومة المغربية القضية سنة 1974 إلى محكمة العدل الدولية للبث فيها. غير أنه ورغم اقرار محكمة العدل الدولية يوم 16 أكتوبر 1975 بوجود روابط تاريخية وقانونية تشهد بولاء عدد من القبائل الصحراوية لسلطان المغرب، رفضت إسبانيا الخروج من الآراضي الصحراوية، مما استفز الملك و أقر بتنظيم مسيرة من أجل إعادة ضم الصحراء إلى الوطن الأم و طرد العدو منها بطريقة سلمية.
مسيرة سلمية لم تزهق فيها روح و لم تسل فيها قطرة دم واحدة. محاربون سلاحهم العزيمة و الإيمان بعدالة قضيتهم، و مستعدون كل الاستعداد لتقديم حياتهم فداء للوطن. بلغ عدد المشاركين في المسيرة 350 ألف مشارك، و لم يكن اختيار هذا الرقم عبثا، فهو العدد الذي يمثل عدد المواليد المغاربة الجدد سنويا آنذاك. استمرت المسيرة لمدة ثلاتة أيام، مدة كانت كافية لينسحب العدو الإسباني و يعود المغاربة أدراجهم منتصرين. و المدهش في الأمر أن مايناهز عشرة في المئة من المشاركين كانوا نساء. الأمر الذي أبان عن تلاحم و تآزر للكل أفراد الشعب المغربي و ثقتهم العالية في قائدهم.
مرت 46 سنة عن يوم المسيرة الخضراء ، و لاتزال هذه المناسبة راسخة بكل تفاصيلها في ذاكرة كل المغاربة، و ستظل من أروع محطات التاريخ المغربية التي تمثل درسا للعالم على تلاحم المغرب شعبا و ملكا.