مجتمعمنوعات

لا تمازح الشريف فيحقد عليك ولا الدنيء فيجترأ عليك

يحكى ان رجلا متواضعا يعيش رفقة أهله وبنيه في مدشر من مداشر بلاد الافرنج ، كان رجلا فاضلا ، قنوعا ، كان يمتهن حرفة يدوية تكفيه وتقيه شر السؤال ، عاش بين الناس عزيزا ، محبوبا ، إلى أن جاء يوم وبينما هو جالس في دكانه منهمكا في نحت احدى منحوتاته اذا بأمير البلاد يمر بجنبه فيعجب بما يصنعه الرجل ، يأمر الموكب بالتوقف ليتبادل أطراف الحديث معه وبعد أخذ بعض المنحوتات أمر امين ماله ليجزيه ثمنها .

رجع الرجل فرحا منشرحا إلى بيته وأكرم أهله بما لذ وطاب من الماكولات .

بعد ايّام أمر الامير وزيره ليأتي بالرجل إلى قصره ليعينه وزيرا للحرفيين ، أغمي على الرجل من شدة الفرح والمفاجأة فبعد عيش متوسط لا يتعدى يسد رمقه أصبح يعيش بين عالية القوم، خدم وحاشية وجاه ، نسي الرجل ماضيه وتطبع بطباع الرفاهية ، وذات يوم طلب منه الامير ان ينحت صورته وسط باحة القصر ، اندهش الوزير من طلب الامير لكنه لا يستطيع رفضه ، وفِي الصباح الموالي تفرغ الرجل لتنفيذ الطلب ودام ذلك شهورا دون ان يطلع عليه الامير.

بعد الفراغ منه جاء يوم تدشينه ، اجتمع الجميع ليروا صورة أميرهم ، وقف الامير ليسدل الستار عن نحته وفخره ، تبسم قليلا ثم غمرت وجهه ملامح دهشة او غضب ، يا الهي؟ ماذا حدث ؟ صمت الجميع ، عّم صمت رهيب وسط القصر ، ما وقع كان ان نحت الوزير أميره على حقيقته وكانت احدى أذنيه صغيرة خلقيا ليكب الامير جم غضبه على الوزير فيأمر بسجنه وسجن أهله مدى الحياة .

اصاب الرجل الحرفي احباطا وخوفا عميقان جراء ذلك ، فبعد زهد وعيش متواضع وحرية ، وجد نفسه بين عالية القوم ومعيشة راقية لكن ذلك انقلب فجاة ليجد نفسه واهله راجعا لسابق عهده وأكثر من ذلك دون حرية، أيقن ان دوام الحال من المحال وان موائد الملوك للشرف لا للعلف وأصبح يردد : ابتعد عن البيت الكبير حتى لا يضربك الرب الكبير.

بقلم : امولود رشيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى