
بصيغة المؤنث، وفي سلسلة الحوارات التي تجريها قناة رمال تيفي، حيث نستضيف نساء فاعلات في المجتمع، مثقفات، حقوقيات، أدبيات، كل من موقعها تفتح لنا أبوابها على مصرعيها لتشاركنا اهتماماتها.
و في ضيافتنا اليوم، الدكتورة كنزة القاسمي، و هي باحثة مغربية في سيسيولوجيا و أنثروبولوجيا العالم الاسلامي. لديها مجموعة من المقالات و الأبحاث، من بينها “مواقع و حظوظ” و” ما بعد المجتمعات الذكورية” بجانب كتابين باللغة الفرنسية. كما أنها ساهمت في التنسيق بين باحثين في المغرب و المشرق و الغرب.
حاورتها: وردة الحميني
✓ في البداية حدثينا أكثر عن الدكتورة كنزة القاسمي و ما هي أهم المحطات التي مرت منها؟
_ بالنسبة لي أهم محطة هي الطفولة، فكل شيء يتم تحديده انطلاقا من الطفولة، فهي تلعب دورا رئيسيا في مسارات حياتنا، فتربية والدي لي، أنبتث في الطموح و تقدير الذات وحب القراءة، و هذا ما جعلني أواجه كل صعاب الحياة، و بذلك اعتبر هذه المحطة أول وأهم محطة، و المحطة الثانية هي زواجي في سن صغير فكرست مدة 14 سنة لأبنائي والذين أعتبرهم بمثابة كتب أنجزتها. و بالنسبة للمحطة الثالثة هي اختياري للتدريس و الذي طالما ما كان هذا المجال بالنسبة لي شغف أكثر ما هو مهنة لنيل مكاسب مادية، فدرست بكل مراحل التدريس قبل ولوج الجامعة و التدريس فيها، فلدي ذكريات بهذا المجال أفتخر بها. كما أني كنت أكتب السيناريوهات و أقوم بالإخراج والتصوير في قضايا الطفل والمراهق المغربي، و الآن أنا في محطة أكرس فيها حياتي للبحث العلمي، و لا زلت في بداية الطريق.
✓ بالنسبة للدكتورة كنزة القاسمي كيف ترى المجتمع المغربي؟
_ هناك العديد من الاختلالات، فمجتمعنا يتميز بخصوصياته المرتبطة بالمسار التاريخي و الاجتماعي و الثقافي الموروث، فكل المحطات التي مر منها مجتمعنا المغربي، هي اليوم تظهر في صورة الخلل، فمجتمعنا هو مجتمع مركب، مجتمع أصبحت العلاقات فيه معقدة، فإننا نحتاج إلى رؤيا شمولية متكاملة من أجل تجاوز الخلل، فهناك مستويان من أجل اجاد الحلول، هناك المستوى المرتبط بالاهتمام بالطفولة بكون الطفل هو مستقبل الوطن، و المستوى الثاني هو الاهتمام بنصف المجتمع، المرأة، فنحن عندما نناضل من أجل النساء هذا لا يعني أننا ضد الرجال، بالعكس فالمرأة هي عماد الأسرة و المجتمع، لذلك يجب اعادة النظر في قضايا النساء.
✓ كيف تنظرين لقضية النوع بالمجتمع المغربي؟
_ هذه القضية من اهتماماتي، و أنا أمشي و أنا ادرس و أنا امارس مهامي المتنوعة على جميع المستويات، فبذلك أنا أناضل من أجل هذه المسألة، لأنها جزء من هويتي أنا كامرأة في هذا المجتمع، فأنا أيضا اتعرض أحيانا للتبخيس و أحيانا لأمور تتعرض لها كل النساء، و بالتالي أنا طوال مساري أناضل من أجل قضايا النساء.
✓ حديثينا عن انتاجاتك الفكرية التي قمتي بها لحد الآن؟
_ كانت لي العديد من المشاركات في ندوات دولية و وطنية بمجموعة من الجامعات المغربية و العربية، عن قرب و عن بعد، و في نيويورك بالأمم المتحدة كانت لي محاضرتان حول قضايا النساء بمجتمعنا المغربي، في إطار مؤتمر سنوي، بجانب مساهمات في كتب جماعية، و هناك أربع اصدارات، اصداران باللغة الفرنسية و اصداران عبارة عن ترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية، فأنا اعتبر نفسي في بداية الطريق و لازالت هناك العديد من المشاريع التي سأشتغل عليها.
✓ وسط كتلة من القضايا المتناثرة في المجتمع، ما هي القضايا التي تشد اهتمام الدكتورة كنزة القاسمي؟
_ تشغلني القضايا الكبرى للهوية، فتعلمين أن مسار المجتمع المغربي، في وقت ما كان هناك ارتباط بالمشرق، وكان هناك حديث عن الهوية العربية الاسلامية و عن الوحدة، فاليوم هناك تحولات دولية و اقليمية، تؤدي إلى نوع من استقلالية البلدان، و الابتعاد عن فكرة الوحدة، و هذا الأمر اليوم أصبح صعبا لأن الأمور أصبحت معقدة أكثر، في حين الغرب أصبح قادرا على الهيمنة و التدخل في سياسة الدول أكثر من أي وقت مضى. كما يشغلني كون شباب اليوم يعتقد أنه من خلال ارتمائه في احضان الغرب سوف يحل الاشكال الحضاري و الهوياتي، و ذلك بتبرأه من هويته، في حين أنه سيعاني هناك. فلا يمكننا أن ننتظر من الآخر أن يمنحنا هويتنا أو سيادتنا.
✓ ما هي رسالتك للأمة العربية؟
_ في الأمة العربية يصعب التحدث عن الوحدة السياسية، لكن لو كان هناك تواصل ما بين المثقفين، و تفعيل دور المثقف العضوي، المرتبط بقضايا مجتمعه ربما تكون بداية الطريق من أجل التفكير في وضعنا و رسم خريطة لإجاد الحلول، فلا يمكن التحدث عن الوحدة العربية كما كان في السابق.
✓ ماهي رسالتك للمرأة المغربية؟
_ رسالتي للمرأة المغربية، هي من المهم أن تقدر و تعطي القيمة لذاتها، و أن تمارس حياتها بعزة و أنفة و شموخ، و أن لا تسمح لأحد بتبخيسها كيفما كان، و أن تتابع دراستها و تسعى لتحقيق استقلاليتها و تمكينها الاقتصادي قبل كل شيء، فالسائد هو تقديس مؤسسة الزواج كما لو أنها حل، و هذا الأمر يجب اعادة النظر فيه.
✓رسالتك للشباب و طلبتك؟
_ أقول لهم الوقت من ذهب، و في مرحلة الشباب يبني الانسان مستقبله، و اليوم هناك التعلم الذاتي الذي يمكن الشباب من بناء مستقبلهم بحيث يمكنهم تعلم اللغات و التكوين في المجالات التي ستوفر لهم فرص الشغل ، كما أقول لهم أنه ينبغي تدبير الوقت و ان لا يستسلموا للضياع، لأنه هناك الكثير من التجاذبات مضيعة للوقت، و أنصحهم بوجوب بناء مسارات حياتهم بنفسهم و بجدية.
√ لمشاهدة الحوار صوتا وصورة :