سياسةمجتمع

رئيسة جهة گلميم وادنون : حلاوة العسل لتغطية مرارة الفشل

يبدو أن السيدة رئيسة جهة گلميم وادنون، وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للاحرار، وجدت بشكل سريع حلا لفشلها التدبيري والسياسي باعتبارها رئيسة جهة تعاني من الفقر والهشاشة سجلت فيها أعلى نسب البطالة على المستوى الوطني في الإحصاء العام لسنة 2014. وباعتبارها دائمة الغياب بكونها تسكن في مدينة بعيدة جدا عن الجهة، فإنها ابتدعت “موضة” جديدة في تدبيرها وتسييرها للجهة. وهي موضة يمكن تسميتها ب”فن الحضور” وهو مصطلح يعود للسياسي الفرنسي صاحب كتاب سيكولوجية الجماهير “كوستاف لوبون”، وهي شكل من أشكال الحضور الذي يلتجأ إليه بعض السياسيين الذين يتولون مهام سياسية ولكن لا يحضرون إلى مكاتبهم، ومن أجل تغطية غيابهم المتزايد وتمويه الرأي العام، يبتدعون ممارسات لتركيز الظهور أمام الناس. رئيسة جهة گلميم وادنون، وجدت ضالتها في تنظيم زيارات للوفود إلى بعض أقاليم الجهة، لاثارة الانتباه وتكثيف الظهور المناسباتي..

في ظرف شهر ظهرت رئيسة الجهة في زيارتين لوفدين مختلفين ولكن لهما نفس الهدف وهو تنشيط وتأهيل السياحة. الأول ترأسته وزيرة السياحة التي تنتمي لنفس حزب رئيسة الجهة، والثاني ترأسته هذه الأخيرة حيث قامت باستدعاء ثلة من السفراء لزيارة بعض المناطق السياحية في الجهة، قيل أن هدف ذلك لجلب الاستثمار السياحي والتعريف بمؤهلات الجهة. وقد خرجت بيانات واتفاقبات من طرف جمعية تتهم رئاسة الجهة بقرصنة وسرقة هذه الفكرة.

السؤال الذي يطرحه الجميع خاصة باقليم سيدي إفني هو ما هدف هذه الزيارات؟
الواقع يؤكد ان رئيسة الجهة، وجدت نفسها شهور قبل الانتخابات محاصرة بحصيلة تدبيرية فاشلة كرئيسة الجهة، ولم يعد لها ما تقدمه للناس والناخبين، غير هذه الزيارات المكوكية بالسيارات الفارهة.. وقد تبين ذلك بشكل جدي في زيارتها لمناطق اختيرت بعناية مع وفد السفراء حيث تم تجييش بعض المنتمين إلى حزبها، وزيارة بعض مشاريعهم في محاولة لاستغلال الحدث سياسيا وانتخابيا، وهو ما فطن له الجميع.

لذلك، نريد أن نساهم في تنوير الرأي العام، وكشف خفايا هذه الزيارات المكوكية السريعة، ونقيسها على ضوء المنجز التنموي الذي تم تحقيقه منذ سنة 2015 إلى اليوم، وسنقتصر على القطاع السياحي فقط، تناغما مع زيارة وزيرة السياحة ووفدها في اواخر دجنبر الماضي إلى الجهة ومنها إقليم سيدي افني، وكذلك لزيارة وفد بعض السفراء للمساهمة في الاشهار السياحي ولجب الاستثمار.. (كما قيل).

أولا وقبل كل شيئ، نريد مسائلة رئيسة جهة گلميم وادنون من مصير المشاريع والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها أمام أنظار الملك أثناء زيارته التاريخية إلى مدينة الداخلة في فبرايرل 2016، وهي المشاريع التي تدخل في إطار البرنامج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية بجهاتها الثلاث، والذي أعلن عنه الملك في خطابه بمدينة العيون يوم 6 نونبر 2015.

ماذا تحقق في المشاريع الذي تم الاتفاق عليها في اطار عقد البرنامج الذي صادقت عليه جهة كلميم وادنون التي تهم القطاع السياحي؟ ما هو مصير هذه المشاريع التي تعتبر جهة كلميم وادنون حاملة لها بشراكة مع وزارة السياحة، وسنذكر هنا رئيسة الجهة وزميلتها في الحزب وزيرة السياحة بالمشاريع التي تهم إقليم سيدي افني وهي :
– تهيئة مغارة ” إفري نعبو ” بلاخصاص؛
– إنجاز دار الضيافة بميرلفت؛
انجاز مشروع للقفز بالمظلات أو ما يعرف الطيران الشراعي بشاطئ الكزيرة بجماعة تيوغزة؛
مشاريع بالرغم من بساطتها ولكن ستساهم على الاقل في حلحلة الوضع السياحي باقليم سيدي افني. نسائل السيدة رئيسة الجهة أين وصلت الأشغال بهذه المشاريع التي تنتمي إلى البرنامج التنموي الذي تم توقيعه أمام أنظار الملك بمدينة الداخلة. طبعا هذا سؤال استنكاري، لأن الأشغال لم تبدأ بعد في هذه المشاريع لكي نعرف وثيرتها ومستوى تطورها. وبقيت على حالها على الورق. وكان عليك بالأحرى أن تخبري صديقتك في المكتب السياسي لحزب الأحرار وزيرة السياحة أثناء زيارتها السريعة التي لم تتجاوز دقائق معدودة في ميرلفت والكزيرة، عن أسباب تأخر هذه المشاريع بالرغم من كون جهة گلميم وادنون هي المسؤولة عنها وفق عقد البرنامج. ربما ذلك ما دفع وزيرة السياحة ترفض إعطاء أي تصريح صحفي أثناء حلولها باقليم سيدي افني، وهي تقول للمنابر الاعلامية : حتى لگلميم ونعطيكوم التصريح، لأنه ماجبنا والو لهنا”. إذن كان الهدف من الزيارة هو العبور والظهور فقط، فما فائدة زيارة وزراء الحكومة إلى الأقاليم والجهات إذا لم يقوموا بتدشين او برمجة مشاريع لفائدة المواطنين.

هذا دون أن ننسى مشروع تثمين زربية بوطروش الذي تم التأشير عليه ضمن الاتفاقيات الموقعة أمام الملك في الداخلة والتي وقعها رئيس الجهة السابق إبن عم الرئيسة الحالية والذي ينتمي لنفس الحزب، وأثناء توقيع اتفاقيات عقد البرنامج لإنجاز تلك المشاريع تم حذف مشروع زربية بوطروش وهو الوحيد الذي تم اسقاطه وحذفه بشكل ينم عن وجود نظرة اقصائية غير مفهومة تجاه المنطقة الجبلية التابعة لاقليم سيدي إفني..

وهي النظرة الاقصائية والمختزلة للمجال الترابي التي تبنتها وورثتها السيدة الرئيسة من سلفها إبن عمها، حيث عمدت على إقصاء واستثناء إقليم آسا الزاك من خريطة الزيارة التي قام بها السفراء، لأسباب غير واضحة، ربما هي تعتقد أن ذلك الإقليم ليس فيه مؤهلات أو ربما لا يعتبر منطقة جذب السياح والاستثمار، وهي نظرة تقليدية للأسف التي لا تزال مترسخة في اذهان بعض المسؤولين بكون مناطق الجذب السياحي هي فقط المناطق الشاطئية والسياحية، لكن للأسف تناست السيدة الرئيسة ان إقليم آسا الزاگ، يعتبر من بين الأقاليم الجميلة والجذابة بجهة وادنون، فيه تكامل ايكولوجية وطبيعي منقطع النظير، ويعتبر من بين المناطق القليلة جدا في المغرب التي تتواجد فيها النقوش والرسوم الصخرية التي تم نقشها متذ آلاف السنين، وكان على السيدة رئيسة الجهة أن تبرمج هذا الإقليم في زيارة السفراء لكي يطلعوا هؤلاء الذين يمثلون دول أجنبية على قدم الاستقرار الإنسان المغربي الامازيغي في الصحراء، ونقش على الصخور ملامح حضارته وحروف لغته تيفناغ لتكون شاهدة على هوية الصحراء. وللاشارة فقد أصدرت المحافظة الجهوية للتراث مشكورة في الأسبوع الماضي دليلا للنقوش الصخرية بالجهة وهو عمل مفيد جدا ومبهر، اتمنى أن تلقي عليه السيدة الرئيسة نظرة لتعرف اكثر أهمية إقليم أسا الزاگ. واقصاء هذا الإقليم من هذه الزيارة خلف استياء كبيرا لدى جميع الساكنة ولدى جميع المنتخبين بمختلف انتمائهم الحزبي، بما فيهم منتخبي حزب رئيسة الجهة الذين وقعوا بيانا استنكاريا بعد استثناء إقليم أسا الزاگ مهد الصلاح والبركة..

كان على رئيسة الجهة قبل أن تدعو سفراء الدول الشقيقة لزيارة جهة كلميم وادنون، وبالضبط إقليم سيدي إفني، أن تلتزم بتنفيذ مشاريع عقد البرنامج وتسهر على تنزيل الاتفاقيات الملكية على أرض الواقع والاشراف على انطلاقها، وإيجاد الحلول للمشاكل والاكراهات الطارئة ، وأن تشتغل بصدق وجد لاستدراك الزمن التنموي المهدور في عهد ابن عمها المعزول الذي أضاع وقتا ثمينا ونفيسا للساكنة في نقاشات سفسطائية لم تعط أية مردودية…
رئيسة الجهة المحترمة، لو انك قمت بإنزال الاتفاقيات والمشاريع لكانت أمامك فرصة ثمينة لكي يطلع السفراء على المشاريع التي انجزتها الجهة والدولة بشكل عام بمختلف الشركاء والمساهمين، وستفتخرين آنذاك بما هو محقق ومنجز على أرض الواقع، أما أن تستدعيهم لتذوق العسل فإنه رحيق لترياق النحلة الذي تعذبت من أجله في التنقل بين الجبال والاشواك لانتاجه.

  بقلم : عبد الله بوشطارت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى