
بعد شهور على مغادرته رأس جهة كلميم واد نون، عاد عبد الرحين بوعدة الرئيس السابق للمجلس الجهوي ليصدر مواقف بخصوص ما يقع في جهته، وما يعيشه حزبه، وما تعيشه الساحة السياسية من “نضال المواقف وتضارب المصالح والمواقع”.
سياق خروج عبد الرحيم بوعيدة، في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية “فايسبوك”، ما أثير بخصوص خبر انتقاله لحزب جديد، والذي أسعره بأن “الوطن تفصله سنوات ضوئية عن ترسيخ قواعد ديمقراطية حقيقية، لذا لا غرابة أن يتحول خبر تغيير حزب بآخر شبيها بتغيير حفاظات الأطفال…”.
ومضى كاتبا: أعترف أني لست من هواة تغيير الألوان، بل أكاد أجزم يقينا أني لا أحب منها سوى الأبيض والأسود وبعدهما أصاب بعمى الألوان،
لكن في السياسة وفي هذا الوطن بالذات ألوان كثيرة تشبه “ألوان الطيف” متاحة بقوة القانون ، لذا لا يجد السياسيون غضاضة في تغيير الألوان كما تغير الجوارب حفاظا على البلقنة، ففي السياسة الضرورات تبيح المحضورات.
حقيقة بداية المسار
عن مساره الساسي يكتب بوعيدة: عندما ترشحنا أول مرة بحزب “الكتاب” كان ذلك اختيارا لا دخل لأحد به نظرا لتوافق أدبيات هذا الحزب مع جزء من قناعاتنا وثقافتنا، لكن للأسف في وطني وفي وجهتي بالضبط مطلوب منا في الإنتخابات أشياء كثيرة لاتوافق تلك الكتب التي علمتنا كل هذه القيم والمبادئ، لذا سقط الكتاب أمام قوة الرأسمال وأدركت حينها أن الطريق في هذا الوطن نحو البناء الحقيقي لازال شاقا وطويلا…
عائلات في الصحراء تتوارث المجالس والمصالح
وأشار بوعيدة إلى أن “في الصحراء عائلات تتوارث المجالس والمصالح تدور في فلك السلطة، تنفذ وتوزع الفتات على المواطنين وتعود عند كل استحقاق بنفس المنطق ونفس الوسيلة مستغلة فقر وجهل الناس في جهات ترفع نسب المشاركة في كل الاستحقاقات ومعدل تنميتها في تراجع دائم”.
واعترف بوعيدة بأن ” الحزب الذي ترشحت بلونه هو جزء من ذاكرة طفولة.. نشأ وترعرع في بيتنا في القصابي أيام المرحوم الدَاي وَلد سِيدي بَابَا ، وأعترف أيضا أنني حين بدأت في استيعاب الأمور لم أقاسمه يوما لا مشروعا ولا برنامج، كان فقط واجبا عائليا نؤديه على مضض”.
وتأسف كاتبا: اليوم هناك من يعطينا دروسا في الدفاع عن هذا الحزب وكأنه جزء من ذاكرة المغاربة، وهو ملتحق جديد أمطرت به السماء”.
واعتبر أن “حزب الأحرار هو جزء من واقع سياسي لوطن تصنع فيه الأحزاب كما تصنع معلبات الحليب ومشتقاته، أحزاب توظف في سياق تاريخي وسياسي لغرض معين قد تموت وقد تستمر لكنها تظل بلا ملامح ولا طعم ولا لون”.
بين النضال والتريتورات ضاع كل شيء
وبنبرة نقدية، تابع بوعيدة قوله: حتى نكون عادلين في نقدنا ، نقول أن الحالة لا تقتصر على هذا الحزب فقط، بل امتدت لأحزاب أخرى يدرك جيدا المغاربة أين وكيف صنعت ولنا في التاريخ الحديث تجربة لازالت تبحث عن شرعية الإستمرار وتتبرأ من طريقة الولادة
وأشار إلى أن “الأحزاب هي جزء من ذاكرة تاريخية لها مناضلين وتراكم معرفي ورصيد في النضال وفي السجون.. اليوم تغير كل شيء كما تغير الوطن وبدل إن يكتب مثقف البيان الايديلوجي للحزب أصبح يكتبه مول الشكارة”.
وأثار بوعيدة عددا من التساؤلات الحارقة من قبيل: كم أصاب بالدهشة حين أستمع لخطابات بعض زعماء الأحزاب السياسية عندما يخاطبون الحضور باسم المناضلين مع أنهم مجرد منتسبين في لحظة مصلحة قد تستمر وقد تتوقف….وتزداد دهشتي أكثر حين أتساءل ضد من يناضلون ؟؟ وهم جزء من هذا الواقع السياسي الذي أنتج كل هذه الأعطاب، فهل يناضلون ضد أنفسهم ؟!.
وزاد موضحا: النضال لم يكن يوما داخل فنادق خمس نجوم ولا في الصالات المكيفة، فالمناضلون في الماضي كانوا يجتمعون على فكرة أو مشروع ، أما اليوم فصاروا يجتمعون عند “التريتور” جامع اللذات والجماعات الذي لا يتحدث عنه أي إعلام مع أنه هو من حشد الناس، أما خطابات الزعماء فهي مجرد كلام
من القادم..؟
خلص بوعيدة إلى أنه في محطة اليوم عند عودة نقاش سابق لأوانه عن الوجهة القادمة أقول بكل صراحة و ثقة أن الأمر أيضا لن يكون اختيارا مجرداً من الواقع، ففي تجربتنا في جهة كليميم مواعظ ودروس ستكون موجها حقيقيا نحو الحزب الذي يتفاعل ويحمي المنتمين إليه من كل هذه الانتقالات المفروضة..